حكاية محمية
باتت محمية بينو التي انشأها نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس، معلما سياحيا وبيئيا، تؤمه الجمعيات البيئية وطلاب المدارس الزراعية من مختلف المناطق اللبنانية. المحمية هي واحدة من ثلاث تلات تحتضن بينو من الشمال والشرق والغرب حيث تنساب منازلها بنعومة من الجنوب باتجاه، فتشكل جميعا لوحة تمتزج فيها اناقة البيوت القرميدية الحجرية، القديم منها والحديث، مع الوان الطبيعة، التي تتغير مع الفصول الاربعة. اعلى هذه التلات " ضهر نص العالي " التي يزيد ارتفاعها عن خمسين مترا عن اعلى منازل البلدة، ابتاعها فارس من انسبائه وانشأ المحمية عليها. ![]() موقعها المميز يسرح منه النظر الى الافق البعيد، من ميناء طرابلس مرورا بخليج عكار وصولا الى الشاطىء السوري في طرطوس، كما تطل على معظم بلدات الجومة وجبالها، الممتدة من القموعة حتى القرنة السوداء. تغطي الاشجار الحرجية كالسنديان والصنوبر والخروب والبطن وغيرها القسم الاكبر من مساحتها المحمية، البالغة مئة الف متر مربع تقريبا، وتنبت فيها اصناف كثيرة من النباتات والزهور البرية التي تعطر الاجواء بالروائح الزكية. شكل هذا الموقع جزءا من حياة الناس، بالاضافة الى انه كان منتزها طبيعيا يقصده الصبايا والشباب، لقضاء نزهاتهم وسيرانهم، كانت الفرق الكشفية من خارج عكار تقيم مخيمات لها في الصنوبرات التي تتوسط التلة، كما اقام فيها الصيادون مرابض لاصطياد الطيور المهاجرة على اختلافها مثل الوروار والبجع واللقلاق والحوم والبواشق والشواهين والحرجل الخ.. ومن الطرائف التي تروى ان سكيرا من ابناء البلدة يدعى ابا سليم كان جالسا اعلى التل، يرتشف العرق فشبه بينويالوعاء المقعر، متمنيا لو انه ممتلىء بالعرق ليرتشفه طيلة حياته، بواسطة قصبة يدليها من اعلى التل، حيث يتكىء تحت احدى السنديانات . كما اوحى هذا التل الى عاشق ولهان ببيت شعري قال فيه : احبك حبا لو احبك مثله جبل الكروم لذاب وجدا وانهدم والمعروف ان في هذا التل كروما عديدة من الزيتون واللوز والتين والعنب ... اضافة الى ذلك، كان الفتية يصعدون اليه ليلة الغطاس، من كل عام، يشعلون النار ويرقصون حولها. ويطلقون الاغاني والاهازيج تتردد اصداءها في معظم ارجاء البلدة، ويستمرون بذلك الى مابعد منتصف الليل، ثم يقومون بمسيرة بين المنازل وهم ينشدون ساخرين من النيام، ويحثوهم على النهوض والاستحمام بالمياه،التي تصبح "مقدسة بعد منتصف هذه الليلة". عاد "ضهر نص العالي" ليلعب دورا اكثر حداثة بعدما تحول الى محمية، بدأت تعيد الى الطبيعة، ليس في بينو وحدها، بل في القرى والبلدات المجاورة، عناصرا هامة فقدتها خلال السنين الغابرة، مع الحفاظ على بيئته الاصلية . ![]() اوضح الخبراء القيمون على هذه المحمية، ان الهدف منها هو اكثار الحيوانات والطيور البرية، التي افتقدتها الطبيعة على مر السنين، بفعل الصيد العشوائي وانتشار استخدام الميبيدات والادوية الزراعية، التي ادت الى اختفاء اصناف عديدة من الطيور، محدثة خللا في التوازن البيئي، كان له اثر سلبي كبير على انواع عديدة من المزروعات، والمواسم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مواسم الزيتون والفاكهة التي تشكل الانتاج الاكبر في البلدة وجوارها، اضافة الى ماتضفيه هذه المخلوقات من حيوية على الطبيعة والحياة، لذلك كان لابد من استقدا م اصنافا عديدة من الطيور والحيوانات التي تتلاءم مع هذا الواقع، بعدما تم تجهيز الامكنة الملائمة لمبيتها، كالمزارع وبيوت الطيور وزرائب الماعز والغزلان ... اضافة الى أصناف جديدة غير مألوفة. ابرز هذه الحيوانات : - الريم اللبناني، المعروف ب Gazela,Gazela,Gazela، اختفى هذا الغزال من البرية في عكار منذ مايزيد عن 80 عاما كما يؤكد الصيادون المحترفون الذين، مايزال قسم منهم يعتمد على الصيد البري في حياته وهي حيوانات جميلة جدا تتكاثر بشكل جيد وعند ازدياد اعدادها سيتم اطلاق الفائض منها في الاحراج المحيطة بالمحمية . - الارنب البري : نوعان : Lievre, Lapin - السنجاب : حيوان جميل من القوارض كان موجود بكثرة في المنطقة واختفى منها منذ امد طويل ، خصصت بساتين اللوز واشجار الجوز في المحمية ليقتات منها . - الماعز : عدة انواع : سنن السويسري والبين الفرنسي والشامي البلدي ، وهذه الحيوانات تعطى الحليب ومشتقاته بوفرة. - القنفذ. ![]() |
![]() كما شكلت المحمية ملاذا آمنا للطيور المقيمة كالشحرور، والبلبل والحسون واستراحة للطيور المهاجرة بعيدا عن مرمى الصيادين الذين نكلوا بها على مر السنين ومن هذه الطيور : - الحجل اللبناني تركز اهتمام الخبراء على اكثارهذا الطير الذي افتقدته المنطقة منذ عشرات السنين ووصلت اعداده في مزارع المحمية الى الالف وسيطلق الفائض منه في المنطقة .صوت الحجل جميل ولحمه لذيذ ، يقضي على الحشرات الضارة في الارض . Faisan طيور جميلة جدا ذكورها تزهو بالوان براقة و تتوزع على فصيلتين تضم مابين السبعة الى الخمسة عشر صنفا ، الملون منها للاكل، ويستفاد من بيضها ايضا تحوي المحمية عدة مئات من اصنافها. - دجاج فرعون : طيور للزينة وللطعام. - الحمام : منه الزغلول المعروف بKing والاصناف العادية. - FLAMINGO أو المالك الحزين يوجد منها عدة طيور للزينة فقط. - حبش ابيض للطعام. - الفري والدجاج البلدي. - خراف وماعز. - طاووس. - نعام. ![]() زودت المحمية بفقاسات وتجهيزات، لاكثار الطيور بداخلها، وتم اطلاق مايقارب من 600طائر فيزان ومثله من الحجل و 800 طائر فري اضافة الى عشرة ازواج من الارانب في الطبيعة يقول الخبراء انهم بانتظار نتائج هذه العملية ودرس امكانية متابعتها، قبل اقرار قانون الصيد البري، وتنظيمه، لحماية الطيوروالحيوانات التي ستطلق، من الانقراض قبل تكاثرها في الطبيعة. كما سيتم استقدام اصناف اخرى من الحيوانات والطيور اليها. ![]() هذا على المستوى الحيواني اما بالنسبة الى النباتات البرية فأن المحمية تعج بعشرات الاصناف منها تنشر في الربيع اريجها لتعطر الاجواء وتزهو بالوان تبهج الانظار، من هذه النباتات ما دخل في تراث البلدة المدني والديني. ابرزها: - عشبة البربارة: نبات طويل ويحمل في اطرافه كتل، يشعله الاولاد في احتفالات عيد البربارة، وهم يهتفون هاشلة بربارة، ويصدر عند احتراقه اصوات كالمفرقعات. - القندول : زهره اصفر جميل وهو اساس خلطة الازهار التي يغسل بها المؤمنون وجوهم قبل تناول القربانة في خميس الاسرار. - الاقحوان البري على اختلافه يصنع منه الاولاد اساور وعقود يتزينون بها. - شقائق النعمان. - الشكو بكو. - النرجس او" المضعف" باللغة الشعبية. ![]() ومن النباتات الغذائية البرية والمفيدة صحيا: - القصعين المعروف محليا ب"القويصة"، كان المؤمنون، يقطفونه ويحولوه الى باقات تنقع بالمياه المقدسة ليلة الغطاس، ثم تجفف، وتعلق مدلات، من السقوف والجدران، للاحتفاظ بها، وتبخير المرضى بها، وقت الحاجة، ليقينهم انها تساعد في شفاءهم. ودرج في السنين القليلة الماضية، قيام العديد من الاشخاص، من رجال ونساء واولاد، من مناطق مختلفة، بقلع هذه النباتات، وبكميات قد تؤدي الى انقراضها، لبيعها، بأبخس الاثمان، الى تجار، يصدرونها خارج البلاد، وخاصة الى الاردن والخليج، مما دفع بمربي النحل الى التحرك لمواجهة هؤلاء ومنعهم من القضاء على هذه النبتة التي تشكل غذاء مفضلا لهذه الحشرة النافعة. ![]() - الخبيزة نبتة يستعملها المواطنون في الطبخ كما ينصح بها الاطباء لاستخدامها كمطهريكافح العديد من الجراثيم. - الصعتر على انواعه. - الزوفا، البابونج، الختمية، الهيلون. - الهندباء ومختلف انواع الخضار البرية الى توت العليق والقطيفة والجرجير قرب مصادر المياه. وهذه النباتات تشكل مواسما لابناء البلدة والجوار، ينتظرونها عاما بعد عام، في نهاية الشتاء، وبدء الربيع. |
للمزيد من صور المحمية اضغط هنا